بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
الأضحية عند انتشار الوباء (كورونا)
(بتعليق الشيخ الفاضل زاهد الساحلي حفظه الله)
الأضحية عند انتشار الوباء (كورونا)
(بتعليق الشيخ الفاضل زاهد الساحلي حفظه الله)
قال الشيخ الفاضل زاهد الساحلي حفظه الله: ((قرأت رسالتكم بشأن الأضحية في وباء كرونا فوجدتها رسالة وافية في بابها مدعمة بالدلائل والقواعد الرصينة ، فأوصيك بنشرها لتعم فائدتها وجزاك الله خيرا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم)) اهـ.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم الأضحية على قولين، منهم من قال بوجوبها ومنهم من ذهب إلى أنها سنة.
وعلى كلا الحالين تسقط بالعجز عن أدائها، ولمن كان يضحي في الأعوام السابقة الأجر كاملا.
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مرض العبد، أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا)).
أخرجه البخاري.
ومع انتشار هذا الوباء (كورونا) فتسقط على من عجز عن أدائها؛ فالواجب منوط بالقدرة والاستطاعة، لا واجب مع العجز، وهذه قاعدة كما هو معروف متقرر في القواعد الفقهية، وهي منتزعة من قول الله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}.
ومن المتقرر أيضا أنه يأتي بالقدر المستطاع، فما لا يدرك كله لا يترك ما يستطاع منه، وإن كان يوجد بديل ينتقل إليه، وكل هذا متقرر.
وفي مسألة العاجز عن الأضحية بسبب انتشار الوباء (كورونا) يعمل بما يستطيع لتحقيق هذه الشعيرة العظيمة.
فالذي يستطيع أن ينتقل إلى المناطق التي يقل فيها الوباء قريبة منه ليباشر ذبح اضحيته وكان الأمر متيسرا، فلا ينتقل للبديل ويكلف غيره في تلك المناطق ليضحي عنه.
ومن يشق عليه مباشرة ذبح اضحيته بسب الخوف من الإصابة بالمرض أو بسب قانون الحظر ومنع الحكومة في تلك المناطق من التجوال، أو غير ذلك من الأسباب ويوجد من يقوم عنه بهذه الشعيرة، فيشرع في حقه الانتقال لهذا البديل، وخاصة إذا تيسر أن يأكل من اضحيته ولو تأخر الأكل منها لزمن طويل بعد أيام العيد.
ومن لمن لم يتيسر له أن يضحي إلا بتكليف جمعية خيرية أو شخص بعيد عنه – في دولة أخرى مثلا – فيشرع في حقه الانتقال لهذا الخير ولا يترك العمل بهذه الشعيرة.
ويجب على من تيسر له هذا الخيار أن يمسك عن الأخذ من شعرة وظفره وبشرته في العشر من ذي الحجة حتى يتحقق من ذبح أضحيته.
ومن كانت له رغبة في اقامة هذه الشعيرة ولم يستطع تحقيقها، فلا يجب عليه الامساك عن الأخذ من شعرة وظفره وبشرته.
قال الله تعالى: {ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به}.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((تفسير سورة البقرة)) (3/ 453-454) : ((ومن فوائد الآية: إثبات القاعدة المشهورة عند أهل العلم؛ وهي: لا واجب مع العجز؛ ولا محرم مع الضرورة؛ لكن إن كان الواجب المعجوز عنه له بدل وجب الانتقال إلى بدله؛ فإن لم يكن له بدل سقط؛ وإن عجز عن بدله سقط)) اهـ
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
✍️ كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الجمعة 3 ذي الحجة سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 23 يوليو سنة 2020 ف
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الجمعة 3 ذي الحجة سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 23 يوليو سنة 2020 ف